ان موطن اللوحة قد تكون هي الالوان و الاشكال التي بدورها تنتج مفهوما و رؤى عن العالم و الانسان عموما ، و هذه التصورات ذات أهمية من حيث تعبيرها عن حلم أو عن امكانية وجود ، هدفها الدفاع عن الحياة
و تتخذ العديد من لوحات الفنان التشكيلي العراقي أحمد الشهابي المقيم بالخليج العربي منحى تعبيريا عن حضارة و تاريخ و تراث أمة تقيم لتاريخها العظيم أهمية قصوى من حيث التجذّر في تشكيل الحضارات الانسانية عموما
ان حضور الالوان الباردة المتكررة في لوحات الفنان العراقي أحمد الشهابي ما جعلنا نعايش عمق مأساة العراقي و أوجاعه بالمهجرالعربي أو الغربي على حد السواء
انها الاوجاع التي جسّدتها روحه الابداعية عبر وضوح المدينة الام /بغداد الامس و اليوم و الاتي ، حيث تحوّلت الخطوط و المنحنيات و القباب المكتضّة الى حروف تعبيرية تتراوح بين وضوح المشهد من خلال الابواب و النوافذ و الصوامع بما تحويه المدينة العربية الاسلامية من معالم خاصة لتنطق تاريخا عريقا من الرقي الفنّي و المعماري و الحضاري عموما
غير أن تجلّي البعد الثالث الذي يتّضح في بعض اللوحات الى جانب البرتقاليات و تدرّجاتها الحرارية أعطى سمة ضوئية ساطعة و أفقا مبهجا للرؤيا رغم رمادية الوضع الحقيقي للعراق
ان سمة التذكّر ، ان لم نقل الحضور الكامل للوجع العراقي و الذي يحضر بصيغة راقية غير ملحة على المشاهد ما يطبع العديد من لوحات المبدع العراقي أحمد الشهابي عبر استدراج ماض جميل الى حاضر حزين ، قد يرفع عن هذا الحاضر شيئا من كلفة اليأس و و ترف الحزن ، و عبر محاكاة للحقيقة دون الدخول في التآمر على الحلم و حضور بغداد المجد و العزّة و التاريخ و الانسان من جديد و بأكثر تجذّر و ادراك مما اكتسبته من مرارة التجربة و محنة السقوط
جميل جدا أن نقول الفنّ من خلالنا دون ضغط و دون تحويله الى تابع ناقل و انطباعي لحالاتنا النفسية و الوجودية ، فالفن هو آخر ما تبقى للانسان يعاند به وجع البقاء و غول الموت و الاندثار.